نيكاراغوا تستعرض إنجازاتها وتواجه انتقادات حادة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان
نيكاراغوا تستعرض إنجازاتها وتواجه انتقادات حادة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان
عقد الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل دورته السابعة والأربعين في الفترة من 4 إلى 15 نوفمبر 2024. واستعرضت الدورة الحالة في نيكاراغوا، واعتمد الفريق العامل التقرير المتعلق بها في جلسته الخامسة عشرة المنعقدة في 13 نوفمبر، فيما اختار مجلس حقوق الإنسان فريق المقررين من الجزائر والصين وكولومبيا.
وبحسب التقرير الذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، وكان من المقرر عرضه خلال الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لكن تم تأجيله للدورة الـ60 التي تتواصل فعالياتها حتى 8 أكتوبر 2025، قدمت نيكاراغوا نفسها كنموذج للدولة التي حققت إنجازات اجتماعية واقتصادية ملموسة، بينما تواجه عزلة دولية غير مسبوقة وانتقادات حادة بشأن وضع الحقوق المدنية والسياسية، وسط رفض متواصل للتعاون مع آليات حقوق الإنسان الدولية.
إنجازات اقتصادية واجتماعية
أفاد تقرير الدولة محل الاستعراض بأن الدولة حققت تقدماً في مجال استعادة حقوق الإنسان من خلال سياسات تركز على محاربة الفقر وتحسين الخدمات الأساسية.
وقدم التقرير صورة مشرقة عن الأداء الاقتصادي، مشيراً إلى أن الاقتصاد الوطني شهد نمواً بنسبة 10.3% في عام 2021، و3.8% في عام 2022، ليبلغ معدل النمو في 2023 نسبة 4.6%، مع انخفاض معدل البطالة إلى 3.4% والتضخم إلى 5.6 %.
وركز التقرير الحكومي على "الخطة الوطنية للحد من الفقر والتنمية البشرية" كرافعة أساسية لتحسين نوعية الحياة، مسلطاً الضوء على إنجازات ملموسة في قطاعي الصحة والتعليم.
ففي مجال الصحة، تكفل الدولة الخدمات الصحية مجاناً في 76 مستشفى و141 مركزاً صحياً.
وانخفض معدل وفيات الأمومة من 31.1 إلى 28.1 لكل 100 ألف مولود حي، كما انخفضت معدلات وفيات الرضع وسوء التغذية.
وفي التعليم، بلغت نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية أكثر من 90%، وارتفع عدد المراكز التكنولوجية من 45 إلى 62 مركزاً، وتم إنشاء 26 مدرسة للتعليم الخاص و50 فصلاً دراسياً متكاملاً لدعم ذوي الإعاقة.
وأشار التقرير إلى تحسن ملحوظ في البنية التحتية، حيث زادت تغطية مياه الشرب في المناطق الحضرية إلى 95%، وتم شق وتأهيل آلاف الكيلومترات من الطرق ضمن برنامج "شوارع من أجل الشعب".
تمكين المرأة
أبرز التقرير المكانة المتقدمة التي تحتلها نيكاراغوا في مجال المساواة بين الجنسين على الصعيد العالمي، حيث احتلت المرتبة السادسة في مؤشر التكافؤ بين الجنسين للمنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2024، والمرتبة الثانية في عدد الوزيرات، والثالثة في مشاركة المرأة في السلطة التشريعية وفقاً لخريطة المرأة في السياسة. وبلغت نسبة مشاركة المرأة 59% في السلطة التنفيذية و55% في السلطة التشريعية.
على النقيض من الصورة التي قدمتها الحكومة، سلطت الغالبية العظمى من الدول الـ88 التي أدلت ببيانات خلال جلسة التحاور الضوء على أزمة حقوق إنسان عميقة ومتعددة الأبعاد. وشكلت التوصيات خريطة واضحة لانتقادات المجتمع الدولي، التي تركزت على عدة محاور حاسمة.
وطالبت عشرات الدول -من بينها الأرجنتين والنمسا والتشيك وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة- نيكاراغوا باستئناف التعاون الكامل والفعال مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بما فيها المفوضية السامية لحقوق الإنسان وفريق الخبراء المعني بنيكاراغوا، والسماح لهم بدخول البلاد للتحقق من الانتهاكات على الأرض.
القمع والاحتجاز التعسفي
وطالبت توصيات عديدة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين والمعارضين المحتجزين تعسفاً، والكف عن اضطهاد المعارضة والصحفيين المستقلين وقادة الكنيسة الكاثوليكية والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وأعربت دول مثل كندا وإسبانيا عن قلقها البالغ إزاء تقارير التعذيب وسوء المعاملة ضد المحتجزين.
ودعا العديد من الدول، بما فيها البرتغال وسويسرا والمملكة المتحدة، إلى إعادة الشخصية القانونية والأصول لمئات المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام المستقلة والجمعيات الدينية التي أُغلقت قسراً منذ عام 2018، وضمان حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
أدانت دول عديدة، منها كندا وإيطاليا، قانون التجريد من الجنسية (رقم 1145) الذي استخدم لتجريد أكثر من 300 نيكاراغوي من جنسيتهم لأسباب سياسية، وطالبت بإعادة الجنسية والممتلكات المصادرة إليهم وضمان عودتهم الآمنة.
توصيات دولية
وتلقت نيكاراغوا أكثر من 279 توصية من الدول الأعضاء، شكلت ضغطاً دولياً هائلاً على الحكومة النيكاراغوية للتراجع عن سياستها.
ومع ذلك، أعاد الوفد النيكاراغوي التأكيد في ختام الجلسة على "إدارته السياسية والتزامه الحقيقي بمواصلة ضمان تمتع جميع سكان نيكاراغوا بحقوق الإنسان، استناداً إلى مبادئ المسيحية والاشتراكية والتضامن"، معرباً عن امتنانه للتوصيات.